

كنا نفخر بأن انتخابات نقابة الصحفيين هي مناسبة لفتح الحوار حول كل القضايا التي تشغلنا والهموم التي نحملها. وكان نقيب النقباء كامل زهيري -كما أطلقت عليه أثناء أحد اجتماعات الجمعية العمومية المفتوحة ضد القانون (93) لسنة 1995، الذي مثّل عدوانًا على حرية الصحافة- يحكي لنا أنه عندما كان نقيبًا للمرة الأولى في الفترة من 1968 إلى 1970، وهو يتقدم لمجلس الأمة (البرلمان) بمشروع جديد للنقابة يتضمن كثيرًا من الضمانات غير الموجودة في القوانين التي سبقته والخاصة بإنشاء نقابة الصحفيين، تمسّك بانتخابات التجديد النصفي لنقل الخبرات بين أعضاء المجلس، وضمان تمثيل الشباب بنصف مقاعد المجلس على الأقل، ومعها انتخابات النقيب كل عامين ولدورتين متتاليتين فقط، وذلك عكس ما كان سائدًا وقتها في النقابات المهنية الأخرى، التي كانت دورة النقيب فيها لأربعة أعوام.
وكان يرد على منتقديه والعاتبين عليه من رؤساء هذه النقابات: “نقابة الصحفيين وضعها مختلف، وتسبق ظروفها في الاهتمام الطموح الشخصي لأي مرشح، وأن مناقشة قضايانا كل عامين غير كل أربعة، وأن وجود جمعية عمومية حاضرة كل عامين يُعمل له ألف حساب، خاصة فيما يتعلق بمصالح المهنة، وحقوق الصحفيين، وكل مَن يفكر في دس القوانين المقيِّدة للمهنة”.
لذلك تفتّح وعينا النقابي على هذا المعنى العميق، وأصبح هو الذي يصيغ المعارك الانتخابية.
وظلت المنافسة الانتخابية -مهما كانت حدتها، ووسائل التدخل فيها- في مجملها منافسة لصالح أعضاء الجمعية العمومية، بشرط أن تتناول القضايا الحقيقية، وأن ترتقي لمستوى طموح وهموم الصحفيين، وتخاطب عقولهم.
عيبٌ أن تعطينا الجمعية العمومية في كل مناسبة دروسًا في الوعي، كان آخرها المؤتمر العام الأخير ونتائج الاستبيان المهم، ثم يخاطبهم البعض بلغة التغييب والتسطيح.
عيبٌ أن تكون قضايانا ذات قائمة طويلة وعنوان معروف، ثم نختار الإسفاف والكذب، وشعارات مضللة وضالة.
عيبٌ أن ننتمي لنقابة لها من التاريخ ما نفخر به، ولها من المعارك من أجل الدفاع عن الحرية ما يرفع الرأس، ثم نجد مَن بيننا مَن يتصور أنه يروّعنا برفع شعار النقابة المختطفة، أو أن النقابة تديرها شلة أو تيار!
نعم، نجد مَن بيننا مَن يحاول أن يبيع الوهم لجمعية عمومية واعية، بأن يصوّر النقابة مجرد سوبر ماركت مليء بالبضائع -بما فيها سلعة الحرية- المطلوب ترويجها في بعض مواسم الركود.
نعم، كنا نفخر بأن انتخابات الصحفيين هي مناسبة للحوار حول قضايا جادة، وسنظل نفخر بذلك. فللنقابة ربٌ يحميها، ووعي جمعية عمومية.